قصة التتار (من البداية إلى عين جالوت) - د. راغب السرجانى
كاتب الموضوع
رسالة
غربة مشاعر عضو برونزي
عدد الرسائل : 186 تاريخ الميلاد : 16/02/1980 العمر : 44 مخالفات العضو : السٌّمعَة : 0 نقاط : 6518 تاريخ التسجيل : 27/10/2007
موضوع: قصة التتار (من البداية إلى عين جالوت) - د. راغب السرجانى الأربعاء أغسطس 04, 2010 3:18 pm
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد..
د. راغب السرجانى
قصة التتار..هي قصة ذات وجهين، فهي قصة دولة، قامت على سفك الدماء وأكل لحوم البشر، لا تعرف دين ولا خلق، ولا حضارة، كذلك هي قصة أمة بعدت عن أمر ربها، فطمعت فيها أمم الأرض، ولمّا عادت لدستورها الرباني، انتصرت فكانت خير أمة، في هذه السلسلة نتعرف على التتار وتاريخهم في الشرق والغرب، وكيف كان حال أمة الإسلام وكيف قامت، لنعرف كيف تتغير الأمم ولو بفرد واحد..إنه المظفر قطز .......
1 - واقع العالم الإسلامي والغربي
يقدم دكتور راغب السرجاني برنامجه عن قصة التتار على قناة الحوار؛ لما لهذه القصة من تاريخ وعبر، ولما لدولة التتار من تأثير واضح في التاريخ الإسلامي، ولعل تشابه الأحداث في قصة التتار وواقع العالم الإسلامي في هذه الفترة والواقع الآن، من أهم الأسباب الداعية لدراسة القصة، فواقع الأمة أنها كانت مفرقة ومشتتة، وقوى الغرب تتكالب عليها من الصليبيين والتتار، ودولة الخلافة مغلوبة على أمرها، ودول العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه يحكمها أمراء ضعفاء مشتتون. WATCH DOWNLOAD
- 2 جنكيز خان والصدام مع الدولة الخوارزمية
انطلقت بداية قصة التتار على يد مؤسسها الأول الذي يعرف بقاهر العالم وهو جنكيز خان، الذي استطاع أن يوحد قبائل التتار المتفرقة تحت حكمه ويكوِّن منها دولة أخذت في التوسع على حساب الآخرين، فسيطرت على الصين وما جاورها، فبدأ الصراع مع العالم الإسلامي، وكانت الدولة الخوارزمية أول من تلقت الضربة الأولى من التتار، على أن حروبهم تميزت بالدموية والوحشية، فمع تفاصيل القصة. WATCH DOWNLOAD
- 3 الاجتياح التتري في شرق العالم الإسلامي
نحن الآن في سنة 617هـ، أبشع سنة في تاريخ الإنسانية جميعا، ارتكب فيها التتار أبشع المذابح في حق المسلمين في كل مكان، حتى قال ابن الأثير مؤرخ الإسلام: أنهم شرٌّ من الدجال، فذبحوا المسلمين في بخارى وسمرقند وساقوا أسارى المسلمين أمامهم في الحروب، وظل التتار يتعقبون محمد بن خوارزم شاه وهو ينتقل من مدينة إلى أخرى، حتى مات وحيدا فقيرا طريدا في جزيرة نائية، وبعد ذلك ارتكبوا مذابح دموية في بلاد المسلمين..ولا مقاتل أو مجاهد!! WATCH DOWNLOAD
- 4 الصدام بين التتار وجلال الدين الخوارزمي
انتهت مذابح التتار الدموية إلى مدينة بلخ بإقليم خراسان، وهنا أعطى جنكيز خان الأمان لأهلها، ولكن هل يعطي التتار الأمان بلا مقابل!! فماذا عن شرط التتار لأمان أهل بلخ؟ وما رد فعل أهلها من شرط التتار؟ وما مقدار المذابح التترية في مرو وما حولها في بلاد أفغانستان؟ وماذا عن نتائج الصدام بين جلال الدين الخوارزمي وجحافل التتار الدموية؟ وماذا عن مصير جلال الدين في نهاية الأمر؟
اجتياح تتري دموي رهيب لم يُرى مثله في التاريخ، فبعد هروب جلال الدين عبر نر السند إلى الهند اجتاح التتار مدينة غزنة وإقليم خراسان وإيران وأذربيجان، وواصلوا اجتياحهم إلى أرمينية وبلاد الكرج وجنوب روسيا، فليس لهم حسبان لدين أو عرق، الكل ليس له مصير إلا الموت، كل هذا في وقت كان العالم الإسلامي يعيش فيما يسمى بالحول السياسي، فمع تصوير معبر لحال المسلمين المخزي من سنة 618هـ : 624هـ.
في سنة 624هـ توفي جنكيز خان مؤسس دولة التتار، وفي نفس السنة توفي الخليفة العباسي الظالم الناصر لدين الله، وقد تولى بعد جنكيز خان أوكيتاي، الذي اتبع سياسة توطيد أركان الدولة المترامية الأطراف في العالم، فعاشت البلاد مرحلة الهدوء النسبي لتوقف اجتياح التتار، فكيف استغل حكام العالم الإسلامي هذه الفترة؟ وما موقف جلال الدين من هذا الهدوء؟ وماذا عن العاصفة التترية بعد هذا الهدوء في أوروبا وبلاد العالم الإسلامي؟.
دولة مترامية الأطراف ورثها كيوك بن أوكيتاي من كوريا الشمالية شرقا إلى أواسط أوروبا غربا، فعمل على توطيد مملكته وتثبيتها، وعلى الرغم من أن الصليبيين في أوروبا ذاقوا ويلات العاصفة والدموية التترية إلا أنهم عملوا على إقامة تحالف مع التتار، فماذا عن هذا التحالف؟ وما أهدافه ومصيره؟ وماذا عن الخطوات التي أعداها هولاكو لإسقاط الخلافة العباسية؟
إسقاط الخلافة العباسية..حلم يراود منكو خان، ولكن لا بد من خطوات لتحقيقه، منها الإعداد العسكري والسياسي والاقتصادي، ثم اتجه إلى االتحالفات العسكرية والسياسية، ومنها تحالفه مع ملك أرمينية، كما تحالف مع الأمراء الصليبيين بالشام، فماذا عن تحالفاته مع العالم الإسلامي؟ وكيف وصل إلى بلاط الخلافة العباسية؟ وكيف استغل الحرب النفسية في إضعاف المسلمين؟
انتهت إعدادات هولاكو ومنكو خان نحو إسقاط الخلافة العباسية، وحان الوقت لتنفيذ العمليات العسكرية نحو العراق وبغداد، لذلك قام هولاكو باستقدام أمهر قواد الجيش التتري من جميع أنحاء المملكة الواسعة، واستقدم معهم الجيوش، وحان وقت الانطلاق نحو بغداد لإسقاط الخلافة، ولكن..ماذا عن العقبات التي واجهت التتار في طريقهم لبغداد؟ وكيف تغلبوا عليها؟ وكيف قسم هولاكو جيشه؟ وماذا عن الوضع الداخلي في بغداد؟ وماذا كان يحدث في البلاط العباسي؟ وكيف حاصر التتار مدينة بغداد؟
أطبق الجيش التتري الحصار على بغداد من الشمال والجنوب والشرق، ووقف الخليفة العباسي المستعصم بالله في حيرة من أمره، وجمع مستشاريه، وأخذ قرار الجهاد ضد التتار، ولكن.. أبيد الجيش العباسي عن آخره، وأصبحت بغداد خاوية من جيشها، ولم يعد أمام الخليفة إلا المفاوضات مع هولاكو، ومع مماطلة الخليفة قرر هولاكو قذف مدينة بغداد، وهكذا سقطت المدينة واستبيحت بغداد، ودخلها التتار وفعلوا فيها ما لا يتخيله عقل، وقيد الخليفة بالأغلال..وأخيرا اكتشف المستعصم خيانة وزيره العلقمي!!!
وهكذا سقطت مدينة الرشيد والمعتصم، سقطت بغداد، واستباحها التتار أربعين يوما متصلة قتلا ونهبا وتدميرا، فقتلوا المستعصم بالله شر قتلة، وقتلوا من المسلمين مليونا في بغداد وحدها، فهل اكتفى التتار بما فعلوه بالمسلمين؟!! لا..بل ذهبوا إلى مكتبة بغداد واستباحوها ، فدمروا المكتبة وما فيها، وألقوا ما فيها من العلوم في نهر دجلة، حتى تغير لونه..إنها حرب شاملة تنم عن غباء التتار ودمويتهم!! إنها لآيات ربانية لا بد أن نتعلمها من قصة التتار..
بعد سقوط بغداد قرر هولاكو التوجه إلى سوريا لإخضاعها، ولكن ظهر من المسلمين نجم رفع راية الجهاد، فكان عقبة في طريقه، وهو الكامل محمد الأيوبي أمير إمارة ميافرقين، الذي أعلن الجهاد، وتم حصار الإمارة سنة ونصف وهي ثابتة على جهادها، ثم توجه هولاكو إلى سوريا، فكيف كان طريق هولاكو لسوريا؟ وما موقف هولاكو من الناصر لدين الله؟ وما ذا عن المجاهدين في حلب؟ وما مصير المجاهد المسلم الكامل محمد الأيوبي؟
أحكم هولاكو حصار مدينة حلب حتى سقطت، وأمسك بالمجاهد توران شاه ولكنه لم يقتله، حتى لا يثير حفيظة الأمراء الأيوبيين، ثم توجه ناحية أنطاكية، وأسقط حصن حارم، وبعد ذلك عقد مجلسا عسكريا مع الموالين له من النصارى وأمراء المسلمين، وأصدر عدة قرارات لهم، فماذا عن هذا الاجتماع؟ وما هي القرارات التي اتخذها هولاكو؟ وماذا عن مصير دمشق وفلسطين من الاجتياح التتري؟
بلا شك - وخاصة بعد سقوط العراق وسوريا- أن تكون نظرة هولاكو بعد ذلك هي غزو مصر، لما تتمتع به من مميزات جغرافية وإستراتيجية، وفي هذه الحلقة نتعرف عن وضع مصر تحت حكم الأيوبيين، مع توضيح لحقيقة الصراع بين الصالح نجم الدين أيوب والصالح إسماعيل، وكيف حرَّر الصالح أيوب بيت المقدس من يد الصليبيين؟ كما نتعرف على المماليك من حيث نشأتهم وتوطينهم مصر على يد الصالح أيوب، وكيف كانت تربيتهم.
استطاع الملك الصالح أيوب بسياسته الدينية الحكيمة أن يخرج جيلا من المماليك، كانوا مجددي الإسلام بعد ذلك، فقد اعتمد في تربيتهم على الكتاب والسنة والفقه الحديث وتعلم فنون القتال ودروب السياسة والحرب، ثم انتقى منهم مجموعة عرفوا في التاريخ باسم: المماليك البحرية أو الصالحية، وفي هذه الأثناء تحرك لويس التاسع بحملة صليبية سابعة متوجها إلى مصر، وكان هذا اختبارا حقيقيا للمماليك الصالحية، فماذا عن دور المماليك في رد الحملة؟ وكيف تطورت الأحداث بعد وفاة الصالح؟.
ما إن عاد توران شاه من نصره المظفر على الصليبيين في فارسكور حتى قتل، فكانت هذه فترة انتقالية عاشتها مصر في فراغ سياسي واضح، فليس هناك من يخلف توران شاه من الأيوبيين المتفرقين في بلاد الشام، وفي هذه اللحظة أعلنت شجر الدر نفسها ملكة على مصر، فماذا كان رد فعل الشعب المصري؟ وماذا قررت شجر الدر؟ وما الذي اتخذه الملك المعز لتوطيد حكمه في البلاد؟ وماذا عن التقلبات السياسية بعد تولي الملك المعز؟
وهكذا قتل الملك المعز وقتلت بعده شجر الدر، وتولى البلاد الطفل نور الدين علي بن أيبك ليكون سيف الدين قطز وصيّا عليه، وفي هذه الأثناء كثرت الفتن والأخطار على مصر سواء من الأمراء الأيوبيين أو التتار أو الصليبيين، وأصبحت مصر مطمعا للجميع، فما الذي اتخذه قطز؟ وماذا عن أوضاع البلاد السياسية والعسكرية والاقتصادية؟ وكيف أعدّ قطز الأمة لمواجهة التتار؟
ما إن تولى سيف الدين قطز أمور الحكم في مصر حتى نذر نفسه والأمة لمواجهة التتار، وأخذ يعد الأمة لذلك، فعمل على توحيد البلاد واستقطاب المماليك البحرية وأمراء الشام، ولكن ماذا عن طبيعة الشعب الذي يحكمه قطز؟ وما أهم الطرق التي اتخذها قطز لمواجهة الأزمة الاقتصادية في البلاد؟ وماذا عن دور العز بن عبد السلام في إيقاظ الأمة؟ وكيف تعامل قطز مع رسل التتار؟
يعتبر قرار الجهاد الذي اتخذه المظفر قطز من أخطر القرارات السياسية والعسكرية في تاريخ الأمة، ولقد سلك قطز في سبيل تفعيل الأمراء والأمة كلها تجاه هذا القرار، اتخذ سبيل التربية بالقدوة، فقرر أن يقاتل التتار ولو بمفرده، مما دفع حمية الجهاد في قلوب الشعب والقادة، وقام وخطب فيهم خطبة جهادية حماسية، وعلا صوته: مَن للإسلام إن لم نكن نحن..وهنا تحركت الجموع نحو عين جالوت.
انتهت استعدادات قطز في تجهيز الجيش المسلم، ولم يبق إلا تحديد مكان المعركة المرتقبة مع التتار، وهنا اختلفت وجهات النظر بين قطز والأمراء، فكان الأمراء يرون القتال داخل مصر أو سيناء، ولكن قطز كان يرى قتالهم في فلسطين، فالمسألة ليست قومية، بل المسألة مسألة دين وقضية أمة، فماذا عن رد فعل العلماء والأمراء؟ وكيف تحرك الجيش المصري نحو فلسطين؟ وكيف تغلب قطز على مشاكل الصليبيين في طريقه لفلسطين؟
بانتهت المباحثات الدبلوماسية بين قطز والصليبيين في عكا على الهدنة المؤقتة، وأخذ طريقه من سيناء إلى فلسطين، وقد اعتمد قطز في سيره على أسلوب التعبئة، أي الاستعداد التام في كل لحظة للقتال، وفي طريقه انتصرت مقدمة الجيش على حامية التتار في غزة، وهنا تحركت حمية التتار للقتال، فاختار قطز سهل عين جالوت لتكون عليه المعركة الفاصلة، وفي الطريق كانت نفحات الله تأتي لجيش المسلمين تبشرهم بالنصر والتمكين.
في 25 من رمضان 658هـ كانت معركة عين جالوت، إنها يوم من أيام الله التي أعز الله فيها دينه وجنده، وقد أنهى قطز استعداده ووضع الخطة العسكرية للقتال، وقد اعتمد قطز على الفرق العسكرية الموسيقية في تسيير المعركة، فكيف كانت لحظات القتال؟ وكيف انتصر المسلمون على التتار؟ وماذا عن شكل الجيش المسلم أثناء القتال؟
انتصر المسلمون الصادقون في عين جالوت نصرا مؤزرا على التتار، وقُتل قائدهم كتبغا نوين، ولم يبق أمام التتار إلا الهروب من أمام جيش المسلمين، ودارت معركة شرسة عند بيسان، أيّد الله فيها جنده وخارت عزيمة التتار وفروا هاربين، وصيحات التكبير عالية، وقطز ينادي ويقول: واإسلاماه، والمسلمون يحصون رؤوس التتار حتى فني الجيش عن آخره، ودخل قطز دمشق، وأعلن وحدة مصر والشام..وبهذا انتهت أسطورة التتار من مصر والشام
عين جالوت الموقعة الخالدة التي انتصر فيها المسلمون على التتار، والتي كانت الميلاد الحقيقي لدولة المماليك، التي حفظت الإسلام أكثر من ثلاثة قرون، لذلك استحقت هذه المعركة الدراسة الجادة والواعية، لتبين أسباب النصر والتمكين، فلماذا انتصر قطز ومن معه من المسلمين في عين جالوت؟ هذا ما سنعرفه في هذه الحلقة.
موضوع: قصة التتار (من البداية إلى عين جالوت) - د. راغب السرجانى 
الأربعاء أغسطس 04, 2010 3:18 pm
